النص النظري: انبعاث الشعر العربي – محمد الكتاني

اللغة العربية – الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانية

محور: إحياء النموذج

النص النظري: انبعاث الشعر العربي – محمد الكتاني



🔶 تمهيد:

عرفت الحياة الثقافية والفكرية في العالم العربي خلال منتصف القرن التاسع عشر تحوّلاً كبيرًا، نتيجة مجموعة من العوامل التاريخية والسياسية، كان أبرزها حملة نابليون على مصر سنة 1798، التي شكلت صدمة حضارية للمجتمع العربي، حيث كشف المثقف العربي آنذاك حجم التأخر الذي يعيشه مقارنة بالغرب. هذا الوعي الجديد فتح باب التساؤل عن أسباب التخلف، وأدى إلى ظهور تيارات فكرية مختلفة:

  • تيار سلفي إصلاحي يدعو إلى العودة إلى أصول الدين.
  • تيار حداثي معجب بالنموذج الغربي ويطالب باقتباسه لتجاوز الانحطاط.
  • تيار قومي ينادي بالوحدة والنهضة انطلاقًا من التراث.

هذه العوامل جميعها مهدت لظهور حركة أدبية سُميت بـ حركة البعث والإحياء أو الكلاسيكية الجديدة، التي دعت إلى إحياء النموذج الشعري القديم، من حيث الأغراض والأساليب، مع الانفتاح على مضامين جديدة كالشعر السياسي والوطني. ومن أبرز منظّري هذه الحركة: محمد الكتاني، عمر الدسوقي، شوقي ضيف، أدونيس، ومحمد بنيس.

🔶 دلالة العنوان:

عنوان النص "انبعاث الشعر العربي" يتكون من ثلاث كلمات تعبر عن المعنى العام للنص:

  • انبعاث: يدل على العودة إلى الحياة بعد سبات أو انحطاط.
  • الشعر: موضوع الحركة التي يتحدث عنها الكاتب.
  • العربي: يحدد مجال هذا الشعر، وهو الشعر العربي الكلاسيكي.

🔶 فرضية النص:

بناءً على عنوان النص وصاحبه وطبيعته الطباعية، نفترض أنه مقالة أدبية نقدية تسعى إلى تحليل خصائص شعر الإحياء وأسباب ظهوره.

🔶 إشكالية النص:

ما هي الخصائص الفنية والمضمونية التي تميز بها شعر حركة البعث والإحياء؟ وما الأسباب التي ساهمت في نشأته؟ وما الوسائل المنهجية التي اعتمدها الكاتب في عرض وتحليل هذه الظاهرة الشعرية؟

🔶 قضية النص:

يناقش الكاتب في هذه المقالة قضية مركزية تتعلق بعودة الشعر العربي إلى أصوله الكلاسيكية في القرن 19، عبر ما يُعرف بحركة إحياء النموذج. وقد عرض مجموعة من العناصر المرتبطة بهذه القضية، أهمها:

  • اعتماد الشعراء على النظم التقليدي على منوال القدامى.
  • محاولة تجاوز الجمود والانحطاط الذي ساد الشعر في عصور سابقة.
  • دور الوعي القومي والديني في الدفع نحو إحياء التراث الأدبي.
  • تحديد خصائص شعر الإحياء، مثل:
    • إعادة النظر في مفهوم الشعر.
    • تقليص الإفراط في الزخرفة والتكلف.
    • استلهام التراث الشعري.
    • اعتماد اللغة البيانية الواضحة.

🔶 تحليل النص:

1. الإشكالية المركزية:

يرتبط النص بإشكالية النهضة الفكرية التي عاشها العرب خلال القرن 19، والتي أثرت بشكل مباشر في المجال الأدبي، مما أدى إلى ولادة حركة شعرية تجديدية تُعيد الاعتبار للنموذج الكلاسيكي.

2. المعجم النقدي:

ينقسم المعجم في النص إلى مجالين دلاليين:

  • مجال سلبي: يصف الشعر في عصر الانحطاط، مثل: "تقليد"، "نضوب العاطفة"، "المبالغة في الصنعة".
  • مجال إيجابي: يصف شعر الإحياء، مثل: "جزالة اللفظ"، "متانة التركيب"، "نصاعة المعنى".

3. قضايا نقدية مرافقة:

وظّف الكاتب قضايا من النقد الأدبي التقليدي لتقوية طرحه، مثل:

  • مفهوم الشعر بوصفه "فيض وجدان وتألق خيال".
  • الطبع والصنعة: انتقاد شعر الزخرفة في مقابل البساطة البيانية.
  • اللفظ والمعنى: الدعوة للتوازن بين قوة اللغة وعمق المعنى.
  • عمود الشعر: إبراز الخصائص التي تعطي الشعر قيمته الفنية.

4. الخلفيات المرجعية للنص:

تعددت المرجعيات التي استند إليها الكاتب، أبرزها:

  • التاريخية: النهضة الفكرية في القرن 19.
  • الدينية: تأثر الأدب بالتيار السلفي.
  • القومية: تصاعد الحس القومي في المجتمع العربي.
  • التراثية: استلهام النموذج الشعري القديم.

5. وسائل العرض والحجاج:

اعتمد الكاتب على منهج استنباطي بدأ من العام نحو الخاص، واستعمل وسائل حجاجية مثل:

  • الإخبار: تقديم المعطيات.
  • الوصف: إبراز خصائص كل مرحلة.
  • التمثيل: ذكر أسماء شعراء مثل البارودي واليازجي.
  • التعريف والتوكيد.

امتازت اللغة بالوضوح والموضوعية، بعيدًا عن الغموض أو المجاز.

🔶 التركيب والتقويم:

نص "انبعاث الشعر العربي" مقالة أدبية نقدية، ربط فيها محمد الكتاني بين النهضة الفكرية وحركة البعث والإحياء، موضحًا خصائص هذه الأخيرة وأهم أسباب ظهورها. وقد وظّف أساليب حجاجية متنوعة، ومعجمًا نقديًا واضحًا، ولغة تقريرية، مما جعله يقدّم تصورًا متكاملًا عن الظاهرة، وإن غلب عليه التركيز على الجانب التراثي أكثر من الجانب الإبداعي الجديد.

مشاركة

With

إرسال تعليق